الثلاثاء، 23 فبراير 2010

علي عمار: الدولة فضلت عدم اعتقالي تفاديا للصدى الاعلامي


قال الصحافي علي عمار و احد المساهمين الثلاثة في تأسيس مجلة لوجورنال في حوارنا معه أن الدولة كانت لها نية مبيتة في اعدام لوجورنال، و كشف عن حيثيات اكراهه على المنفى في الديار الاسبانية، و أكد أن " جريدة المساء، بعد أن كانت تعرف بشعبويتها في الماضي، تجاوزت ذلك لتصبح الان أداة للبروباغاندا في أيادي المخزن" و أنه " بعد التقارب بين المساء و منير الماجيدي الذي تجلى في صفقة بيع لوسوار و إلغاء الغرامة التي كان رشيد النيني مطالبا بأدائها". في مايلي النص الكامل لحوارنا مع علي عمار.


حاوره: نجيب شوقي


ماهو السبب الذي جعلك تغادر المغرب و تختار المنفى الطوعي؟هل كنت تتعرض الى مضايقات في المغرب ؟

في بادئ الأمر لا بد من الإشارة أن اختيار المنفى لم يكن طوعيا، بل إن تمديد مسطرة التصفية القضائية للوجورنال إلى ممتلكاتي الشخصية (رصيدي البنكي و مقاولتي الشخصية) في ظرف ثلاثة أيام فقط، جردني من امكانية الإستمرار في العيش في المغرب. وبما أنني غير قادر على تسديد المبلغ المدان به، فإنني أصبحت معرضا للعقوبة الحبسية. رغم أن المعنيين بالأمر قد طعنوا في الحكم، إلا أنه جاء بصيغة التنفيذ الفوري. العقوبة الحبسية ليست مشكلة في حد ذاتها، ولكن بقائي في المغرب و حرماني من حريتي كان سيحول بيني و بين حقي في التحدث إلى وسائل الإعلام كي أوضح الطابع السياسي للقضية، و بالتالي الدفاع عن نفسي إزاء دعوى قضائية أبانت عن العديد من الهفوات. أما المضايقات الوحيدة التي تعرضت لها، فقد كانت نتيجة إصداري لكتاب "محمد السادس، سوء الفهم الكبير"، الذي تم منعه في المغرب، ووجدت نفسي من جراء ذلك في وسط زوبعة إعلامية و حملة تدليسية شنتها بعض الصحف المقربة من النظام.

هل تم فعلا الحجز على كل ممتلكاتك ؟ ولماذا سمحت لك السلطة بمغادرة المغرب علما أنه في حالة الحجز المالي يمنع على الشخص مغادرة البلد؟

لقد تم بالفعل الحجز على كل ما أملك، و أصبحت كل مداخيلي الراهنة و المستقبلية في ذمة الدولة. أما السماح لي بالخروج، فأعتقد أن السلطات قد فضلت أن تتركني أغادر التراب الوطني تفاديا للصدى الإعلامي الذي قد يحدثه اعتقالي. و الآن على كل حال، فان عودتي للمغرب ستعرضني للإعتقال في أي وقت أو للمنع من مغادرة التراب الوطني، بما أن النظام لم يتردد في فرض هاته العقوبة في حالات أخرى، كما هو الأمر حاليا مع رسام الكاريكاتير خالد كدار.

لماذا اخترت اسبانيا و لم تختر فرنسا رغم ان كتابك محمد السادس سوء الفهم الكبير الممنوع في المغرب تم طبعه بفرنسا ووزع بها. كما ورد في احدى الصحف اليومية من ان لك علاقات جيدة بفرنسا؟

توجهي إلى إسبانيا لم يكن انتقائيا، بل الظرفية هي التي فرضت ذلك. عندما تم إطلاق مسطرة التصفية القضائية ضدي، اتضح لي أن صلاحية التأشيرة الأوروبية لمدة ثلاث سنوات التي كانت السلطات الفرنسية قد منحتني إياها قد انتهت، و عليه فقد منحتني القنصلية الإسبانية تأشيرة استعجالية لمدة أربعة أيام كي أغادر المغرب على وجه السرعة.

هل فعلا عشت لايام بدون اوراق اقامة في مدريد؟

بمجرد وصولي إلى إسبانيا، منحتني الحكومة الإسبانية " رخصة إقامة مؤقتة لظروف استثنائية" لمدة ثلاثة أشهر، و هي الوثيقة نفسها التي منحتها لأميناتو حيدر.

من ساعدك على الحصول على الاقامة في اسبانيا؟

ساعدني على ذلك الفرع الإسباني لمنظمة مراسلين بلا حدود.

هل اختيارك المنفى الى اسبانيا رفقة بوبكر الجامعي جاء صدفة ام كان تنسيقا بينكما؟

الأمر جاء بمحض الصدفة، ولا مجال للمقارنة بين الحالتين. فأبوبكر لديه إقامة إسبانية بحكم أن زوجته إسبانية و أن عائلته مستقرة منذ مدة في مدينة مورسيا، أما أنا، فقد اضطررت لمغادرة المغرب حيث كنت أقيم.

هل اخترت العيش في اسبانيا ام هي مرحلة مؤقتة ستعود بعدها الى المغرب؟

إنني أنوي حاليا الإستقرار بفرنسا، فكما أشرت أعلاه، تم نشر كتابي بدار النشر كالمان ليفي الفرنسية و لدي علاقات كثيرة هنالك. أما العودة إلى المغرب، فأنا لم أختر أن أغادره يوما، بل اضطررت لذلك، و العودة ليست مطروحة الآن.

لنعد الى تفاصيل مجلة لوجورنال المثيرة للجدل ، لماذا تمت متابعتك رفقة بوبكر الجامعي ولم تتم متابعة المساهم الرئيسي فاضل العراقي؟

أولا، تجدر الإشارة إلى أن فاضل العراقي كان المساهم الرئيسي لشركة ميديا تروست المؤسسة للوجورنال التي تم الحجز عليها قضائيا سنة 2003، و منذ ذلك الحين، أصبحت الشركة المسيرة للوجورنال هي تريميديا، وفاضل العراقي هو المساهم الوحيد فيها. وبما أن مسطرة التصفية القضائية للأشخاص لا تخصني إلا أنا و أبو بكر الجامعي، فهذا يعني أنها قضية سياسية محضة لأنها لا تستهدف إلا الصحفيين.

هل هناك جهات معينة كانت وراء عدم متابعة فاضل العراقي ؟

لست مخولا للإجابة عن هذا السؤال. كل ما أستطيع أن أقوله، أن فاضل العراقي أيضا مهدد في أي وقت بتمديد المسطرة على ممتلكاته الشخصية.

جريدة المساء رفقة بعض الصحف الرسمية حاولت ان تجعل من قضية لوجورنال قضية ديون لم تؤدها لخزينة الدولة ماهو تعليقك؟

الجميع يعلم من يقف وراء خطاب مثل هذه الصحف، فجريدة المساء، على سبيل المثال، قد نشرت بعض فقرات الحكم قبل أن يتم النطق به. لا يخفى على متتبعي شأن الصحافة الوطنية أن جريدة المساء، بعد أن كانت تعرف بشعبويتها في الماضي، تجاوزت ذلك لتصبح الان أداة للبروباغاندا في أيادي المخزن، لا سيما بعد التقارب بينها و بين منير الماجيدي الذي يتجلى في صفقة بيع لوسوار و إلغاء الغرامة التي كان رشيد النيني مطالبا بها. أما فيما يتعلق بالديون، فبالفعل، تراكمت على لوجورنال ديون كثيرة لدى الدولة و الأبناك. لكن ما يجب الإنتباه إليه، أن تلك الديون (الضمان الإجتماعي و الخزينة العامة و مؤسسة وافا باي) تخص شركة ميديا تروست التي كانت مسؤولة عن إدارة لوجورنال منذ تأسيسه في 1997 و التي تمت تصفيتها قضائيا في 2003. و قد تم بيع أصول شركة ميديا تروست في المزاد العلني، مما يعني أن ملفها قد طوي قضائيا. أما شركة تريميديا التي تولت تسيير لوجورنال انطلاقا من 2003، فقد دخلت في مفاوضات مع دائنيها لتسوية وضعيتها، و الدليل على ذلك أنها أدت 3 مليون درهم لصندوق الضمان الإجتماعي و إدارة الضرائب سنة 2007، و ذلك رغم سياسة الخنق المالي الممارسة ضد لوجورنال و المتجلية في الغرامات الخيالية التي نطق بها القضاء ضده و مقاطعة المعلنين الإشهاريين له. الحكم القضائي بإغلاق لوجورنال و الذي يستند إلى حجة تداخل الذمم المالية بين شركتي ميديا تروست و تريميديا لا أساس له من الصحة. بل الواقع أنه حكم مفبرك لإيهام الرأي العام بأن لوجورنال شركة مفلسة ؤ أن النظام لا يد له في إغلاقها. و الدليل على أن اغتيال لوجورنال خطة سياسية بحتة، أن تلك الصحف التي تحدثت عنها لم تذكر أن صندوق الضمان الإجتماعي لم يطالب بالتصفية القضائية للوجورنال، الأمر الذي وضحه الصندوق في بيانه الصادر بتاريخ 4 فبراير 2010، و الذي يؤكد فيه أنه لم يطالب بتصفية تريميديا أو بالحجز على ممتلكاتي و ممتلكات بوبكر الجامعي. الحقيقة أن مسطرة الحجز على ممتلكاتنا (و هذا مذكور في الحكم القضائي) جاءت بطلب من شركة وافا باي، و هي فرع لبنك التجاري وافابنك الذي يسيره منير الماجيدي عبر الهولدينغ الملكي سيجير الذي يترأسه. و ما ينبغي ذكره هنا أن ميديا تروست كانت تدين لوافا باي بمبلغ 500000 درهم، و أنها محجوز عليها قضائيا، أي أنه لا يحق الحجز على الذمم المالية لمساهميها، و ذلك بعد أزيد من 7 سنوات.


هل اغتيال لوجورنال هو اعلان من طرف الدولة عن مرحلة جديدة؟

ما هو مؤكد، أن اغتيال لوجورنال يؤرخ لانتهاء مرحلة معينة. لقد كانت سنة 2009 سنة في غاية القسوة على الصحافة المستقلة، وربما هي السنة الأكثر عنفا في العشرية الأخيرة. و تتزامن هذه الفترة مع واقع سياسي جديد، ربما لم تنجح وسائل الإعلام في تصويره بالشكل المناسب، و هو خطة النظام غير المعلنة لإعادة هيكلة الحقل الإعلامي. تتبلور هذه الخطة في الحرب ضد الصحف القليلة التي تتمتع بمصداقية، و السيطرة على الحقل الصحفي من خلال شراء شركات التوزيع، و كذا خلق صحف متطفلة و منعدمة الخط التحريري، لا دور لها إلا التمهيد لنوايا النظام، مثل مجلة أكتيال التي يديرها أحد قدامى موظفي أونا و هو من المقربين من الماجيدي. من ناحية أخرى، لا زالت الدولة لم تمنح رخص إنشاء القنوات التلفزيونية الخاصة، بل ركزت جهودها على إنقاذ قناة ميدي 1 سات الفاشلة كي تصنع منها تلفزيونا للبروباغاندا يدفع ميزانيته المواطن المغربي. أخيرا، ماذا عن مراجعة قانون الصحافة التي كان من المفروض أن تتم منذ سنتين؟ إنه لمن المضحك أن تعلن الحكومة اليوم عن حوار وطني مع الصحافة، هذا يذكرني بالمشروع الذي اقترحه ادريس البصري في 1995. إن الحقبة التي ولد فيها لوجورنال قد ولت، و اغتياله اليوم يقهقرنا عشرات السنين إلى الوراء. و لعل النسق السياسي الذي تعرفه البلاد حاليا خير دليل على أننا لازلنا نقبع تحت غياهب أحادية الرأي.

كيف ترى تدخل الكاتب الخاص للملك منير الماجيدي في الحقل الاعلامي؟

هل ترى أمامك مجالا واحدا في المغرب لا يخضع للهيمنة الملكية؟ منذ اعتلائه على العرش، لم يترك محمد السادس مجالا واحدا إلا و وضع يده عليه : العمل الخيري، ثم حقوق الإنسان، ثم الإقتصاد و الأعمال، مرورا بالديبلوماسية و الحقل الديني و الثقافة و الرياضة و قضية الهويات الثقافية، و بالطبع السياسة. ها قد جاء دور الصحافة المستقلة، التي كانت تمثل قوة للمعارضة و ميدانا حرا للحوار المفتوح. منير الماجيدي ليس إلا الذراع المكلف بإسقاط آخر جيوب المقاومة. و أود هنا أن أعبر عن أسفي عندما أرى أن الصحافة المستقلة التي لا تزال على قيد الحياة لا تحلل بالشكل الكافي خطة الإباذة هذه.

هل يمكن ان يكون للمغاربة صحيفة مستقلة مثل لوجورنال في المستقبل؟

على عكس ما يتوهمه النظام المغربي، فإن الشعب المغربي لا ينقصه النضج. فكما بزغ لوجورنال في أواخر حكم الحسن الثاني، إنني على يقين أن تجارب أخرى ستظهر، ربما بأشكال أخرى و باستخدام التكنولوجيات الحديثة. و خير مؤشر على ما أقول، هو حيوية الصحافة المواطنة في المغرب التي نلمسها من خلال الشبكات الإجتماعية و المدونات. للأسف، لا يوجد نموذج اقتصادي ناجع إلى حد الآن في المغرب لبزوغ صحافة إلكترونية مستقلة حقيقية. الإنترنت يمثل الأمل الحقيقي لمهنة الصحافة في المغرب. على النظام أن يفهم أنه من المستحيل أن يكبح هذا التطور، و إن كان لا يزال يمارس القمع على المدونين.

هناك اخبار حول اقدامك على تأليف كتاب جديد، هل سيكون جريئا مثل "محمد السادس سوء الفهم الكبير"؟

الواقع أنني بصدد التهييء لمشروع كتاب جديد. لا أستطيع أن أفصح الآن عن محتواه لأنني لا زلت في طور مناقشته مع دار النشر. ما يمكنني أن أقوله أن الموضوع يتعلق بمشروعية الملكية المغربية و بعزوفها عن فتح الباب للديموقراطية.


هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

حوار جميل وأسئلة في محلها لكن يظهر انك متحامل على "المساء"، ورغم ذلك أساندك لأن "المساء" ولات بحال الجوطية

غير معرف يقول...

النضال الأمازيغي، الميز العنصري، القضية...الانتفاضة...ما هدا التخريف والهراء والسخف الدي اجتاح المغرب والجامعات المغربية. مند متى كان هناك ميز عنصري...مند متى كان للامازيغ قضية بهدا الحجم والتهويل. العالم من حولنا يسير بسرعة الضوء ونحن نختلق الصراعات و ننصب أنفسنا مناضلين وضحايا القلم والكلمة. إن كل ما قرأت لهولاء "المناضلين" لا يعدو جعجعة في فنجان. يتشدقون بحرية التعبير ولا يتوانون عن ضرب كل التوابت الدينية والوطنية في سبيل أن يجعلوا لهم إسما و يكسبوا شهرة و صيتا...معتقدين أنهم لا يقلون عن شيغيفارا أو دلالما. أنه عالم الثكثلات...دول العالم كلها تسعى للتجمع في تحالفات سياسية و عسكرية و اقتصادية: أوربا اصبحت اقوى عندما توحدت، ألمانيا أيضا. نسوا كل الخلافات العرقية والتاريخية و ركزوا على التنمية و تبادل الخبرات والتكنولوجيا...انظروا الى ألاتحاد السفياتي كيف أصبح حين تفتت الى دويلات صغيرة...انظروا الى الولايات المتحدة الأمريكية، أنها خليط من الأجناس و الأعراق: الهنود، المكسيك، الزنوج، العرب، حتى الأمريكيون اصولهم مختلفة: بريطانيون، ايرلندٍيون، اطاليون،...الكل في عمل...كل يدرس، نعم هناك عنصرية ولكن لا شئ يعلو على مصلحة الوطن، لا تجد ولاية التكسكس مثلا تطالب بالانفصال أو أن هناك اقليات تخرب أو تحمل السلاح ضد الحكومة.

دعونا من تقمص دور المناضل أو الكاتب المقموع...اصبح الأمر كموضة العصر...كل مدون يخرج لنا بمقال مثير للجدل يعرف مسبقا أنه لن يمر بسلام، أو يقوم بعض من قرأ سطرين في كتاب لنين أو ماركس أنه ثوري و ن أن له حقوقا مهضومة عليه أن يناضل من أجلها...كفوا عن هذo الترهات، و شمروا على سواعد العمل، فزمن ألابطال قد ولى...



أف منكم